“صحن للغايب” هو مشروع يحيي ويخلد ذكرى ضحايا الحرب التي اندلعت يوم 7 أكتوبر من خلال تحضير أطباقهم المفضلة وإسماع قصصهم. سيجال، أم المرحومة جايا خليفة، تشاركنا بوصفة المعجنات بالنقانق (pigs in blanket) والبتيتيم التي كانت تطلبها منها في كل مرة أرادت منها أن تدللها.
“لو كانت جايا هون إسا وشافت إني رح أطبخ وإنتو تصوروني كانت بتفقع ضحك”، تقول سيجال خليفة وتمسح دموع ألم ممزوجة بالضحك، “جايا كانت تحب المطبخ – المطبخ كان مكانها هي، مش مكاني أنا”، تقول. كانت جايا تعرف أن أمها ليست بارعة جدا بالطهي وكانت تطلب منها لذلك، في كل مرة أرادت أن يدللوها، تحضير معجنات بالنقانق (pigs in blanket) وبتيتيم. “كانت تعرف إنه أكثر من هيك بطلعش معي”، تضيف سيجال مبتسمة.

تمد سيجال العجين على طاولة المطبخ في بيتهم في كريات أونو قبل تقطيعه ولفّه حول النقانق وخبزه. لا تحضّر سيجال أشياء تتطلب دقة ومهارة كبيرتين ولا تستخدم كميات دقيقة، على عكس جايا تمامًا، تقول، وتضيف أن جايا كانت تحب الخَبز وأنها كانت تحلم بافتتاح مخبز خاص بها. كانت تحضّر كل شيء بدقة كبيرة وكانت تزِن الكميات – وإن كانت النتيجة لا تلائم توقعاتها لم تكن تقدّمها. رغم كل هذا، كانت جايا متسامحة مع طعام أمها، تقول سيجال بشوق، لأن في الطعام شيء دافئ ومحتوٍ – خاصة إن كان من تحضير الماما.
كان التفهم والاحتواء جزءًا من شخصية ابنتها التي كانت مليئة بالعطف والحب من جهة، وبحس فكاهي حاد، من جهة أخرى. تقول أمها أنها كانت طفلة هادئة كانت تربيتها سهلة. بعد أن أنهت خدمتها العسكرية، سافرت جايا إلى أمريكا الجنوبية، حيث انفتحت على العالم واكتشفت الحياة وعالم الموسيقى الذي أبهرها – السحر إياه الذي قادها إلى مهرجان نوفا في رِعيم، بالقرب من كيبوتس بئيري.
وصلت جايا مكان الحفل يوم السبت 7 أكتوبر الساعة 04:30 صباحًا برفقة صديقتها رومي جونين، وبعد ذلك بساعتين بدأت تنطلق سماعات الإنذار. طوال هذا الوقت، كان آفي وسيجال، والدي جايا، على تواصل مع الاثنتين. وجههما آفي بداية أن تبتعدا عن السيارة وتجدا مكانًا تحتميان به. “مكناش بعدنا فاهمين القصة”، تقول سيجال، لكن عندما بدأت الصورة تتضح وأدركوا أن المنطقة مليئة بالإرهابيين والشرطة تغلق المخارج، بدأت الصبيتان بالفرار سيرا على الأقدام بينما كان الأب يرشدهما، على الهاتف، لأي اتجاه تهربان.
تقول سيجال أنهما قد وجدا مكانًا تختبئان فيه لعدة ساعات، وفي الساعة 10:00 صباحًا كتبت لهما جايا إن صديقًا لها سيأتي لاصطحابهما من هناك في سيارته، وطلبت من والدها أن يخرج للقائهما في أشدود، لكنه تمكن من الوصول إلى ريشون لتسيون فقط. في الساعة 10:12 اتصلت جايا به وقالت له “بابا عم بطخّوا علينا”. سمع آفي الطلقات النارية، وسمع ابنته تلفظ أنفاسها الأخيرة. صديقتها رومي جونين اختِطفت إلى غزة.
لم تبلغ جايا سن 24 عامًا، وقُتلت عندما كان عمرها 23 عامًا و11 شهرًا، “الإشي رمزي وبقشعر البدن،” تقول سيجال لأن تاريخ ميلاد جايا كان 23\11. طالما حلمت جايا بأن تكون أمًا لخمسة أطفال وكانت قد اختارت الأسماء لهم جميعًا – لكن الاسم الوحيد الذي وافقت على الكشف عنه لوالديها كان “بئيري”، رمزية أخرى، تقول سيجال.
تخرج سيجال قوالب الخبز من الفرن بعناية ليكشف كمّها عن وشم: بعد انتهاء فترة العزاء، ذهب الوالدان مع شقيقي جايا، نوغا وعيدو، لوشم الرمز الذي نقشته غايا على جسدها قبل خمسة أشهر من مقتلها: جرامافون وبداخله قلب إنسان، تقول عنه سيجال أنه يرمز لكل ما كانت جايا عليه، “قلبها كان مليان موسيقى ووقف بمهرجان موسيقى”.
تضع سيجال البتيتيم على الطاولة إلى جانب البوريكس ولا تنسى أن تصب كأسًا من عصير التوت، كما تحب جايا، وتقول، بأعين دامعة، “كل مرة بحكي فيها عن جايا بنقبض قلبي وبتنقلب معدتي، بس تحضير الأكل الي كانت تحبه هو أصعب إشي – لإني بحضر أكل بعرف إنها مش رح توكل منه”.
للبتيتيم:
⅓ كأس زيت
1 بصلة مقطعة لمكعبات صغيرة
500 غم. (كيس) بتيتيم
1 ملعقة كبيرة ملح
1 ملعقة صغيرة فلفل أسود
4 كؤوس ماء مغلي
للمعجنات:
1 كغم. (رزمة) عجينة صفيحة
800 غم. نقانق دجاج
1 بيضة مخفوقة
رشّة سمسم
- نحضر البتيتيم: نسخن الزيت في قدر على نار متوسطة-عالية. نضيف البصل ونحركه حتى يصبح لونه ذهبيًا.
- نضيف البتيتيم والتوابل ونخلط جيدًا حتى تتغطى البتيتيم جيدًا بالزيت والتوابل.
- نضيف الماء حتى يغلي ثم نطهو المحتويات على نار هادئة لمدة 7-10 دقائق. نزيل القدر عن النار، نتركها مغطاة لمدة 3-4 دقائق ثم نقدم.
- نحضر المعجنات: نسخن الفرن على درجة حرارة 180 على وضعية توربو ونحضر قالب خَبز مغطى بورق زبدة.
- نفتح عجينة الصفيحة بالعرض ونقطعها لشرائح بسُمك 1 سم.
- نأخذ أول نقنيق ونلفه بالعجينة ونضعه في القالب. نكرر العملية مع بقية النقانق وشرائح العجين.
- ندهن الجانب العلوي للعجينة بالبيضة المخفوقة، نرش القليل من السمسم وندخل القالب للفرن لمدة 10-15 دقيقة أو حتى يتحمر العجين.
- نقدم إلى جانب البتيتيم وعصير التوت، كما كانت تحب جايا.
* الوصفة أعلاه مطابقة للوصفة العائلية ولم يحدَث بها أي تغيير.