تمنّت هناء زبيدة في طفولتها أن تصبح معلّمة أو راقصة. لا شكّ في أن هذا يفسّر أسلوبها في تمرير الوصفة – فالجسم كله يتحدث عن حركات الطهي، تنوّع النكهات وحتى وصف النايلون الملتصق بالصينية يتحوّل إلى رقصة صغيرة رشيقة من يديها. فهي تملك قدرة على الإرشاد والاستعراض في الوقت ذاته.
ولدت هناء في البصرة في العراق، تعتزّ بنفسها وتشهد أنّها جاءت من منزل ثري حيث كان هناك مساعد يعيش في غرفة منفصلة، يساعد في المطبخ، ويهتم بأمر الحديقة وتنظيف المنزل. كانت والدتها تدير المطبخ ولم تسمح لأيّ كان بالدخول إليه باستثناء المساعد. بعد زواجها من زوجها ألي تركت منزل والديها وانتقلت معه إلى بغداد. “لم أعرف حتى كيف أعدّ الشاي”، قالت. “بما أنّ والدتي طردتنا من المطبخ، لم أعلم ماذا سأطبخ لزوجي” أكل المسكين البطاطا كلّ اليوم”. أدركت إحدى جاراتها أنّها عروسة شابة، يهودية مثلها، وهكذا تعرّفت هناء على صديقات قمن بتعليمها كيفية إدارة المنزل والمطبخ من الألف حتى الياء. أظهرت حبّ استطلاع تجاه الطبخ، طرحت الأسئلة، طلبت العودة إلى الجذور والنكهات التي تربّت عليها، حاولت ونجحت. تشهد على ذلك الثلّاجة الممتلئة بحبّات الكبة من صنع يديها، وتحديدًا البطاطا جاب الرهيبة والتي التقينا على شرفها- الكبّة التي تتكوّن طبقتها الخارجية من البطاطا.
جاءت البطاطا إلى الشرق الأوسط خلال الفترة الاستعمارية، في القرن الـ19، وسرعان ما أصبحت مكوّنًا شائعًا واستبدلت الكربوهيدرات الأخرى في العديد من الأطباق التقليدية. وهكذا ولدت في العراق كبّة البطاطا، حيث تحل عجينة البطاطا المسلوقة والمهروسة مكان عجينة البرغل أو الأرز. في هذه الكبّة أيضا الحشوة هي خلطة من اللحمة والبصل المقلي. هذه الكبة متّبعة في المطبخ اليهودي العراقي، خاصة في فترة الفصح، كونها لا تحتوي على القمح.
يعتبر التنسيق مهمًا بالنسبة لهناء خلال العمل وفي ترتيب الطبق النهائي. تقوم هناء بصنع الحبّات أصغر حجمًا من المعتاد (“ليست كالتي يعدّونها اليوم والتي تشبه الحجاره)، وتقوم بتبهيرها قليلًا لإرضاء من لا يحب التتبيل الكثير، وبالتالي تضع الحدود لوصفتها الخاصّة بها؛ تم إعداد جميع الوصفات التقليدية وفقًا لمذاق أفراد المنزل الذي ترعرعوا فيه، وفي كل منزل ستتذوق طبق الكبّة ذاته مع قليل من الاختلاف. هناء مثلًا لا تحب استعمال البيض، فقد وجدت حلّا آخر لدمج خليط البطاطا.
قدمت هناء مع زوجها وابنها إلى إسرائيل، عام 1971، أصبحت معلّمة للغة العربية، وهي لا تزال تعشق اللغة والثقافة التي انحدرت منها.
يرجى ملاحظة ما يلي: الكمية كبيرة، لذا يُنصح بتجميد بعض الحبّات لاستخدامها عند قدوم ضيوف أو عندما ترغبون في ذلك. ستتغيّر مدّة التحضير كلّما أصبحت حركات الأيدي أكثر اتقانًا للحركات. خذوا وقتكم في البداية وحتّى أنهّ يستحسن وجود شخص آخر للمساعدة والعمل المشترك.
لمزيد من وصفات الكبه انقرو هنا here.
مكونات
- للحشوة:
- 3 ملاعق كبيرة من زيت دوّار الشمس
- بصلة كبيرة (250 غرام)، مفرومة ناعمًا
- نصف ملعقه صغيره ملح خشن
- فصّ ثوم مفروم ناعمًا
- ½ كغ من اللحم المطحون خشن
- ¼ ملعقة صغيرة من بهار الكاري
- ¼ ملعقة صغيرة من الكركم
- ⅛ معلقة صغيرة من الكمّون
- ⅛ ملعقة صغيرة من بذور الكزبرة المطحونة
- ¼ ملعقة صغيرة من مسحوق الفلفل الأحمر(بابريكا)
- ⅛ ملعقة صغيرة من البابريكا الحارّة
- القليل من الهيل المطحون
- القليل من القرنفل المطحون
- ملح وفلفل أسود خشن وطازج حسب الرغبة
- كوب من البقدونس المفروم
- ½ كوب من النعنع المفروم
- 4عيدان سلري- كرفس، مفرومة ناعمًا
- للعجنه:
- 8 حبّات بطاطا متوسّطة (1.2 كغ) مقشّرة ومقسّمة لأنصاف
- 4 ملاعق كبيرة من نشاء الذرة/كورن فلور
- 4 ملاعق كبيرة من فتات الخبز (بُقسماط)
- ملح وفلفل أسود خشن وطازج حسب الرغبة
- زيت نباتي للقلي
طريقة التحضير:
- نحضّر الحشوة: نسخّن الزيت في المقلاة على نار متوسّطة، ونُضيف البصل. نقليها لمدّة 6 دقائق، إلى أن يتحمّر البصل، نملّح بملح خشن ونضيف فص الثوم المفروم ومن ثمّ نحرك مدّة دقيقة ونزيلها من على النار.
- نسخّن جيدًا قدرًا صغيرًا إضافيا على نار متوسطة، نُضيف اللحمة المفرومة (دون إضافة الزيت أو أيّة دهون أخرى)، نقوم بتحميرها ونحن نقلّبها بين الحين والآخر إلى أن تتبخّر السوائل وتتفتت اللحمة كلّيًا. نضيف كلّ التوابل ونحرّك.
- نضيف البصل المحمّر إلى قدر اللحمة مع الأعشاب المفرومة، نحرّك لمدّة نصف دقيقة ونزيله من على النار. نتركه ليبرد.
- نحضر عجينة الكبّة: في هذه الأثناء نضع قطع البطاطا في قدر، نغمرهم بالماء، نملّح ونغليهم. بمجرد أن تغلي الماء، نزيل القدر من على النار، نقوم بتصفيتهم وتبريدهم.
- نبرش البطاطا على الجهة الرفيعة من المبرشه (مهم!) داخل وعاء، نضيف فتات الخبز، نشا الذرة، الملح والفلفل الأسود. نخلط وندعك جيدًا إلى أن نحصل على خلطة ملساء (هناء تدعك بيديها الاثنتين وتستعمل الكفوف لهذا الغرض). نفرش نايلون التغليف على قالب، نبلّل الأيدي، نأخذ من الخليط كرات بحجم كرة البينج بونج (35 غرام) ونضعها واحدة بجانب الأخرى. نبرّد لمدّة عشرين دقيقة.
- نحشو الكبّة: نغمر يدينا في وعاء يحتوي على ماء. نشكّل كرة ثمّ نغرز إبهامنا في الوسط ونعمّق الحفرة مع الحرص على شدّ الجوانب. إلى أن نحصل على شكل كتشبان يغطي الإبهام. هدفنا أن نحصل على طبقة رقيقة- يتطلب الأمر وقتًا وممارسة للوصول إلى مثل هذا الإتقان، اسمحوا لأنفسكم بالخطأ والتعلّم.
- نحشو “الكتشبان” بملعقة صغيرة من الحشوة ونشدّ جيدًا، حيت لا ينحصر الهواء داخلها. نكرّر العملية هذه إلى أن تمتلئ الحبّة بالحشوة. نبدأ بقرص الجوانب نحو الأعلى إلى أن تغلق وبداخلها الحشوة – براعة التكبيب برفق (أو كما قالت هناء -“بلطافة، كما تعامَل المرأة) إلى أن يتمّ إغلاقها تمامًا. نشكّل برفق الكبّة لقرص مستدير ومسطح وننقلها لقالب مغطّى بنايلون التغليف.
- نكرّر العملية مع ما تبقّى من كرات البطاطا والحشوة. نغطّي أقراص الكبّة ونقوم بتفريزها ساعتان على الاقل. ممكن حفظها مجمده حتى شهرين, في كيس مغلق.
- قلي الكبّة: لا حاجة لإذابة الثلج قبل القلي. نسخّن الزيت في مقلاة أو في قدر صغير، حيث يغمر نصف ارتفاع أقراص الكبّة. نزيل كتل الثلج عن الكبّة بواسطة ورق ماصّ ونضعها في الزيت الساخن. نحمّرها من الجهتين ونقوم بتقديمها. تنصح هناء بتقديم سلطة فتوش منعشة معها (تقوم بقلي قطع الخبز بالزيت ذاته الذي قلت فيه الكبّة).