מתנדבים באסיף
מתנדבים באסיף

الغذاء حاجة وجودية – قبل الحرب، أثناءها، وما بعدها

بعد أحداث السابع من أكتوبر، سارع العديد من المواطنين للتطوّع في مبادرات إطعام وتغذية كثيرة، لكن غياب الدولة كان محسوسًا، خاصة في ما يتعلق بالتنسيق والإمداد والنقل، ما أبرز أهمية الحفاظ على الأمن الغذائي في الأيام العادية أيضًا.

Janan |

أحد أبرز الأمور التي حدثت في بداية الحرب كانت الانخراط والمشاركة في جهود الإطعام. مطاعم كثيرة تحولت في أعقاب السابع من أكتوبر لـ “غرف حرب” بدأت مطابخها تطعم الجماهير، بالإضافة إلى الكثيرين ممن تطوّعوا للمساعدة في تزويد ونقل الوجبات والغذاء وتحضيره. حدث كل هذا بشكل طبيعي لأن الغذاء هو حاجة ضرورية وجودية، لكن شيئًا ما كان غائبًا في ظل أعمال الخير هذه: التنظم والنظام. كان غياب الدولة محسوسًا، خاصة في ما يتعلق بالتنسيق، الإمداد، النقل والتخطيط. لم يفاجئ هذا أحدًا; حتى في أيام السلم العادية، نخطئ بحق الأمن الغذائي (تطالب وزارة الزراعة باستخدام الاصطلاح “أمن الغذاء” الذي يعبر عن منالية مادية، اجتماعية واقتصادية لكمية كافية من الغذاء الصحي والمغذّي تلائم الاحتياجات والتفضيلات الغذائية والثقافية، وتتيح عيش حياة نشيطة وصحية. بحسب الوزارة، فإن “الأمن الغذائي” هو اصطلاح يتناول قيمة السعرة الحرارية للشخص الواحد).

لو كان الأمن الغذائي جزءًا من التزامات الدولة وينعكس في سياسيتها الأساسية اليومية، لكانت المنظومة ستعمل وتنفذ دورها ووظيفتها دائما، في السلم وفي الحرب; لكانت الدولة ستهتم وتعتني بمواطنيها وتلبي احتياجاتهم بشكل منظم ومنهجي أكثر من أي مبادرة مدنية تتعلق وتعتمد على نّية وقدرات المتطوعين التي لا أساس متين، أساس بإمكان الدولة تأسيسه وبنائه. عندما تتراجع الدولة عن مسؤولية تأمين الغذاء لمواطنيها في الأيام العادية – سيكون من الصعب تأمينه في الأيام العادية. 

ما حاجة الدولة؟

إلى جانب عملنا كأفراد، للدولة ومؤسساتها دور مركزي في الحفاظ على الأمن الغذائي في الأيام العادية وفي الأزمات. وضّحت لنا الحرب أن لأعمال كل فرد منا في المجتمع تأثير كبير وواضح. لبّى التطوع ومساعدة الغير احتياجات ما، لكن غياب هيئة مسؤولة منظمة كان محسوسًا. كان من المفترض أن تكون هذه الهيئة هي الدولة التي تهتم، بواسطة هيئاتها ومؤسساتها، وتحرص على تأمين الغذاء لمواطنيها في كل وقت. لذلك أمثلة كثيرة في العالم يمكن التعلّم منها. 

بداية، على الدولة إقامة هيئة مسؤولة عن إدارة الاهتمام وتلبية الاحتياجات الأساسية للأمن الغذائي. في إسرائيل هيئات كهذه (بحسب القانون)، على رأسها التأمين الوطني ومجلس الأمن الغذائي، لكن كلاهما يعانيان من انخفاض في القدرة التنفيذية لافتقادهما للأدوات اللازمة لأداء أدوارهما كما يجب. 

התנדבות במיזם אדם ואזמה בריש לקיש
متطوعون بقطف التفاح | تصوير: يعارا جور أرييه

إحدى الطرق المثبتة في العالم لمواجهة انعدام الأمن الغذائي هي برنامج تغذية وطني. توصي الأمم المتحدة بالانتقال إلى برنامج تغذية شامل يحصل كل طفل في الدولة في إطاره على وجبة ساخنة في كل أيام الأسبوع. إسرائيل بعيدة غاية البعد من هذا الهدف. أكثر من 665 ألف طفل عانوا من انعدام الأمن الغذائي في العام 2021، لكن برنامج التغذية الوطني، الذي من المفترض به أن يزود كل طفل بوجبة ساخنة في الإطار التعليمي، يشمل 454 ألف تلميذ فقط. بالمثل، فإن مخصصات الشيخوخة التي يدفعها التأمين الوطني لا تكفي لاحتياجات المسنّين الأساسية. أما مجلس الأمن الغذائي، المكلَّف من قبل الدولة حسب القانون بتنسيق الممارسات والإجراءات للحفاظ على الأمن الغذائي لمواطني دولة إسرائيل، فهو مجرّد من أي صلاحية تنفيذية. وهكذا، يصدر التأمين الوطني كل عام تقريرًا يقول أن هناك المزيد والمزيد ممن يعانون من انعدام الأمن الغذائي في البلاد (بدأوا بقياس المعطيات بطريقة منهجية منذ العام 2010). 

يظهر من بيانات التأمين الوطني كذلك أنه، وبعد ارتفاع معتدل نسبيًا بين الأعوام 2016 – 2021، حل ارتفاع حاد في عدد البالغين الذين يعيشون في انعدام في الأمن الغذائي بما يزيد عن 10% بين السنوات 2021 – 2022. 

في ظل هذه الأرقام، من المهم المبادرة والعمل، النظر قدمًا وتقوية نظم الدولة ومؤسساتها المسؤولة عن الأمن الغذائي. 

Volunteer cooks at Asif
متطوعون في الطبخ في أسيف

الخطوات التي ينبغي اتخاذها فعليًا: 

  • تأسيس هيئة تغذية وطنية شمولية يحصل كل طفل في إطارها على وجبة مغذّية في الإطار التربوي التعليمي. من الممكن إيجاد هيئات ونظم مشابهة في أماكن مختلفة في العالم، منها في النرويج، اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية. وفقًا لبيانات مجلس الأمن الغذائي، فإن التكلفة المحتملة لهيئة كهذه هو ما يقارب 2 مليارد شيكل سنويًا. 
  • تقوية منظومة الرفاه الاجتماعي على المستويين، الوطني والمحلي، بحيث تكفي مخصصات الشيخوخة للاحتياجات الأساسية لكل مسن.
  • منح المجلس الوطني للأمن الغذائي صلاحيات تسمح له بتنفيذ دوره أمام الوزارات الحكومية، وبناء أساس لمنظومة تحسن العمل في الأيام العادية وفي حالات الطوارئ لدعم المجموعات السكانية التي تحتاج للأمن الغذائي. وهكذا، عند حلول الأزمة القادمة، سنكون جاهزين أكثر مع الأدوات الملائمة لإدارة ومواجهة وضع الطوارئ. 

ساعدت في البحث: شاي هعفري