Thin dough frying in oil
Photo by Noam Priesman

المطاعم الشعبية التي لا تعرفوها بعد

كارا-كارا الفلِبينيّ، فو الفيتناميّ، باو تشاو الصينيّ، كِسرا السودانيّ، وإنجيرا الإريتريّ – هذه ليست سوى عيّنة من الأطباق الرائعة التي تقدّمها المطاعم الشعبية الأجنبية في تل أبيب. في العشر سنوات الأخيرة أقيمت في جنوب المدينة مطاعم تقدّم مأكولات بيتية، سخيّة، مشهية وتناسب ميزانية الجميع. إذًا لماذا لم نعرف بوجودها حتى الآن؟ من يعتبر نفسه “عاشقًاContinue reading “المطاعم الشعبية التي لا تعرفوها بعد”

نعماه الياهو |

كارا-كارا الفلِبينيّ، فو الفيتناميّ، باو تشاو الصينيّ، كِسرا السودانيّ، وإنجيرا الإريتريّ – هذه ليست سوى عيّنة من الأطباق الرائعة التي تقدّمها المطاعم الشعبية الأجنبية في تل أبيب. في العشر سنوات الأخيرة أقيمت في جنوب المدينة مطاعم تقدّم مأكولات بيتية، سخيّة، مشهية وتناسب ميزانية الجميع. إذًا لماذا لم نعرف بوجودها حتى الآن؟

من يعتبر نفسه “عاشقًا للطعام” أو “شخصًا شرهًا” فمن المرجح أن يواكب كلّ ما هو جديد في عالم الطهي محليّا وخارج البلاد. إلى جانب البحث عن مطاعم شف جديدة، مخابز ومتاجر للمأكولات الخفيفة، هناك توق دائم للعثور على المطاعم الصغيرة والشعبية التي تتسم ببساطتها، بأسعارها المريحة وبعراقتها: أو كما اعتدنا تسميتها في إسرائيل “مطاعم شعبية”. نخرج للبحث عن أفضل مطاعم الحمّص من شمال البلاد إلى جنوبها، نسافر خصّيصًا إلى المناطق الصناعية النائية لأنّنا سمعنا عن حساء كبة لا يُنسى، ورغيف خبز مليء بكلّ ما لذ وطاب.

خلال العشر سنوات الأخيرة أقيمت في جنوب المدينة مطاعم شعبية تقدّم مأكولات بيتية، سخيّة، مشهية وتناسب ميزانية الجميع. كيف يعقل أن نكون نحن الإسرائيليين المعروفين بحبّنا للرحلات خارج البلاد مع قائمة لا نهائية بأسماء المطاعم والأسواق المحلية التي نرغب في زيارتها، قد فوّتنا السحر الذي يحدث يوميًا من حولنا؟ 

هناك العديد من الإجابات الممكنة، ولكن الإجابة الأساسية تكمن في طبيعة المنطقة التي تتواجد فيها هذه المطاعم الشعبية- حي نافيه شأنان في تل أبيب.

Photo by Noam Priesman

قصّة أحد الأحياء، أو الثقب الأسود في تل أبيب

أقيم حي نافي شأنان عام 1921 كحلّ لأزمة السكن التي أحدثها هروب اليهود من يافا في أعقاب اضطرابات يافا. كان حيّا صغيرًا وهادئًا يسكنه حوالي 400 يهوديّ إلّا أنّ الهدوء لم يدم طويلًا. عام 1941 أقيمت في الحيّ المحطة المركزية الأولى، والتي تسمّى اليوم “المحطّة القديمة”. سرعان ما سيؤدي هذا القرار إلى تدهور حادّ في المنطقة.  

خلال سنوات قليلة من إقامة المحطة، نشأت الحاجة إلى إقامة مواقف إضافية للحافلات، حيث تمّت إقامتها في الشوارع المجاورة، داخل الحي السكنيّ. ازدحام مروريّ وبشريّ، اكتظاظ المصالح التجارية والأكشاك، سوء صيانة – ممّا أدى بدوره إلى أن تصبح المنطقة مركزًا للجريمة، المخدّرات والدعارة، إلى جانب ظواهر أخرى كالمشردين، مدمني الكحول والمخدّرات. 

السكّان الذين شهدوا تدمير منازلهم بدأوا بالاستنكار، ومن سمح له وضعه الاقتصاديّ بترك المنطقة لم يتردّد. الحلّ الذي عرض عليهم في سنوات الستّين، وهو إقامة محطّة مركزية جديدة، سيقضي على نافي شأنان دون إمكانية الرجعة. 

عام 1993 تمّ افتتاح المحطّة المركزية الجديدة والتي حصلت على لقب “المحطّة المركزية الأكبر في العالم” حتى وقت قريب. مبنى تبلغ مساحته 40,000 متر مربع، يشكلّ مصدرًا للتلوّث ويُفاقم الأمور السيئة التي كانت في الحيّ. علاوة على ذلك، فشلت المحطة في تلبية الوعد الكبير لـ 1,200 مصلحة تجارية، التي اكتشفت متأخرة أنّ تصميم المبنى مظلم لا تخلوه التعقيدات مما يسبّب في جعلها مخفية عن أعين الزبائن. غالبية أصحاب الأعمال أجبروا على ترك المكان والمرور بضغوط اقتصادية صعبة، وآخرون لا زالوا يحاربون حتى يومنا هذا للحصول على تعويضات. وفي هذه الأثناء بقي السكّان مع كتلة باطون ضخمة، ليس فقط لم تحلّ أزماتهم بل زادتها سوءا وتعقيدًا ودون قصد حصلت نافيه شأنان على لقب مشبوه آخر: “الثقب الأسود في تل أبيب”.

“التعددية الثقافية تبدو أكثر جاذبية في الخارج”

حتّى أكتوبر 2022 عاش في إسرائيل 133,648 عاملًا مهاجرًا و 25,450 طالبي لجوء. يخيّل لنا أنّ “الأجانب” موجودون هنا منذ الأبد، إلّا أنّ قصّتهم قد بدأت في مرحلة متأخرة نسبيًا من تاريخنا القصير. بدايتها كانت عند اندلاع الانتفاضة عام 1987، إذ جاءت الفكرة باستبدال العمّال الفلسطينيين بعمّال أجانب. آلاف العمّال الأجانب الذين دخلوا إسرائيل كجزء من تصريح مؤقت بدؤوا يعملون أساسًا في قطاع البناء، الزراعة والتمريض (عام 2002 فاق عددهم الـ 250,000). أصبحت نافي شأنان والأحياء الجنوبية مسكنهم الأساسي: منه يذهبون إلى العمل، يلتقون بجماعتهم، يذهبون إلى الكنيسة، يديرون المهمات، يرسلون الأموال إلى بلادهم ويأكلون أطباقًا بيتية بعيدًا عن وطنهم. بالنسبة لأولئك الذين تركوا عائلاتهم وأطفالهم في الخارج، لا شيء معزٍّ كالتجمّع وتناول الطعام مع أمثالهم من أبناء شعبهم،

بين الأعوام 2007-2012 دخل إسرائيل حواليّ 30 ألف طالب لجوء من السودان وإريتريا، كانوا قد فرّوا من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وبما أنّ نافي شأنان تحوّلت لمنطقة يتمّ إرسال كلّ من هو مهمّش إليها، وصلت حافلات مكتظة بطالبي لجوء مضروبين ومضطربين، يفتقرون إلى المكانة وتصاريح العمل. في السنوات الأولى من وجودهم، كانت حديقة ليفينسكي ممتلئة برجال إريتريين وسودانيين يحاولون إيجاد وظيفة مؤقّتة ومعرفة ما يجري من حولهم. كجزء من محاولة إعادة بناء حياتهم الجسدية والعقلية، هناك من قرّر فتح حانات ومطاعم شعبية في نواحي الحيّ لتقديم طعام مغذٍ ورخيص، ولتكون بمثابة السقف الذي يلمّ أولئك الذين تشرّدوا من منازلهم، تركوا عائلاتهم واضطروا إلى إعادة بناء أنفسهم من جديد.

إلّا أنّ المهاجرين واللاجئين أصبحوا الوصمة المرتبطة بنافيه شأنان ورمزًا لكل شيء سيء في جنوب المدينة – الجريمة، القذارة والإهمال. طالما الأمر كذلك، فمن سيرغب في المجيء وتناول الطعام في مثل هذا المكان؟ أصبحت كلّ من الأحياء الجنوبية ونافيه شأنان تحديدًا موضعًا للأحكام المسبقة والشُبهات تجاه الأجانب، ناهيك عن العنصرية تجاههم. إذا تكلمنا بصراحة، يمكننا الاعتراف بأنّ التعددية الثقافية تبدو أكثر جاذبية عندما تكون خارج بلادنا، أي أنّ الأقليات والأجانب يبدون أكثر جمالًا عند وجودهم بعيدًا عن بلادنا. 

لكن الارتقاء بالثقافة والطعام يبدأ أساسًا في الأماكن التي تستوعب العديد من المجتمعات والأجانب: ليس في إسرائيل فحسب، بل في كلّ مكان في العالم تتم الهجرة إليه وتُقدّم فيه المساعدة لطالبي اللجوء. فيما لو وضعنا الأحكام المسبقة جانباً، ستكون هناك مساحة لاكتشافات مفاجئة، للقاءات بشرية مثرية وحتى لتجارب طهوية نتعطّش إليها خارج لبلاد.

مطاعم بمثابة بيت بعيد عن الوطن

تضمّ نافي شأنان مطاعم إريترية وسودانية، مطعمًا نباليًا واحدًا، مطعمًا صينيًا، وبعض المطاعم الفليبينيّة. العمّال التايلانديون الذين يعملون في الزراعة نادرًا ما يخرجون من البلدات التي يعملون فيها، وغالبًا يقومون بالطهي بأنفسهم باستخدام مواد قاموا بزراعتها أو شرائها من مستوردين متخصّصين أو من السوق. العمّال الصينيون الذين يعملون في قطاع البناء فقد جاؤوا برفقة طُهاة يحضّرون لهم الطعام في مطابخ مغلقة ويرسلونه لمكان عملهم. 

أمّا بالنسبة لعمال التمريض الفلِبينيين فيعودون إلى بيوتهم بعد يوم عمل شاقّ جسديًا وذهنيًا، ولا يملكون الوقت والطاقة لتحضير الطعام. ومرارًا تمّ منعهم من الطهي في بيوت المشغّلين.  المطاعم الشعبية تقدّم لهم طعامًا، فرصة لتجمّع وتجربة تذكّرهم برائحة البيت الذي تركوه. يقصدون المطاعم في ساعات الصباح، لتناول وجبة قبل العمل، أو بعده، في ساعات الظهر المتأخرة أو في المساء، وفقًا لظروف عملهم مع المشغّل الإسرائيلي

El Mano – بين فيتنام والفِلِبّين

إحدى القصص الجميلة التي نُسجت في نافي شأنان عام 2019 هي مطعم El Mano، مطعم شعبيّ يقدّم مأكولات فلِبينية-فيتناميّة. تشمل لائحة الطعام مجموعة كبيرة من أطباق المطبخ الفلبيني مثل البولالو، حساء اللحم البقري مع المرقة؛ سيسيغ، لحم الخنزير المقليّ مع الصلصة الحارّة؛ طاجن أسماك ومأكولات بحرية؛ وكذلك ليتشي فلان، حلوى مستوحاة من الفلان الكلاسيكيّ. إلى جانب هذه الأطباق، تجدون أيضا أطباقًا من المطبخ الفيتنامي كحساء لحم البقر او الدجاج “فو”؛ سبرينغ رول مع الكثير من الأعشاب؛ شطائر بان مي التي لا مثيل لها، المحشوّة بلحمة الخنزير والمزيد من الأطباق.  

Photo by Noam Priesman

يُدير المطعم كلّ من الزوجين آن هو (32)، ابنة لأبوين لاجئين جاؤوا بعد هروبهم من حرب فيتنام، وجون باوتيستا (35)، ابن لعاملين مهاجرين من الفلِبين. “تعرّفنا على بعضنا عندما كنت 13 عامًا”، تقول آن. “كنت من حراك يافا حيث كانوا جميعهم من الإسرائيليين وكان جون ينتمي إلى حراك في جنوب المدينة مع العديد من الأصدقاء الفلبينيين. بدا لهم الأمر غريبًا نوعًا ما، أجنبية وحيدة بين مجموعة إسرائيلية”. 

Woman cooking with wok through small kitchen window
Photo by Noam Priesman

وُلدت آن وترعرت في يافا. بدأت مسيرتها في قطاع المطاعم منذ سنّ 15، من بين المطاعم التي عملت فيها مطعم “هصينيت هأدوما”، في “يونا” (تمّ إغلاقه) و”مينتي ريي”. “لطالما حلمت أن أفتح مطعمًا يقدّم مأكولات بيتية تختلف تمامًا عما رأيته في المطاعم التي عملت بها. أردت أن أقدّم للناس مأكولات ترعرعت عليها في بيتي، أطباق تعلّمتها من والدتي. لا يوجد وصفات مكتوبة، تعلّمنا صنع الأطباق من خلال الطهي في المطبخ المنزلي”. 

كيف كانت البدايه؟

المطعم الذي فُتح في ساعات الظهر المتأخرة، مزدحم بالفلِبينيين. قد تلاحظ أنّ الطعام الفلِبيني هو الأساسي في المطعم. “الفضل يعود لوالدة جون، فقد وجدت مكانًا لإقامة مطعم في نافي شأنان. يعرف جون المنطقة جيّدًا وغالبية الفلبينيين يعيشون في هذه المنطقة ويقصدونها لإتمام بعض الأمور وللحصول على الطعام. فبالتالي توصّلنا إلى قرار افتتاح المطعم هنا تحديدًا “، تقول آن. “في البداية حاولت إدخال أطباق فيتنامية لقائمة الطعام إلّا أنّها لم تعجب الفلبينيين وهم جمهورنا الأساسي. يترددون للمطعم في ساعات ما بعد الظهر أو في المساء بعد يوم عمل طويل، للاستمتاع بوجبة جيّدة. ففي هذه الساعات يكونون متعبين ولا طاقة لديهم للتسوّق وتحضير الطعام”. 

Photo by Noam Priesman

خبرينا عن العمل في ال مانو

كلّ من يعمل في قطاع المطاعم يدرك مدى الصعوبة في إقامة مطعم وإدارته. “كان الأمر غاية في الصعوبة. ولا يزال صعبًا”، تقول آن. “قمنا بافتتاح المطعم عام 2019. بالكاد بدأنا نستقرّ ونعتمد على أنفسنا حتّى تفشّت جائحة كورونا. تراكمت الديون. بدأنا نبيع أطباقًا فلِبينية داخل علب. أرهقني الأمر كثيرًا. هدفنا أساسًا كان تقديم مأكولات بيتية، مشهية ودافئة هنا داخل جدران المطعم، حيث يقدّم طبق الليتشون (بطن خنزير محمّصة ومقلية، مقرمشة من الخارج وطريّة من الداخل) مغليَا ومقرمشًا وليس مشبّعًا بالزيت داخل علبة. وفي هذه الأثناء، بدأت فترة “حماية الحمل”. بعد ثلاثة أشهر من الولادة عدت للعمل ولاكتشاف ذاتي من جديد. 

“في هذه المرحلة عدنا للعمل في المطعم وبدأت في إدراج أطباق من المطبخ الفيتنامي. وبعدها أتيت لجولة في مطعمنا (تقول مازحة) وشيئًا فشيئًا زارنا بعض الإسرائيليين والمدوّنين للتذوق من كلا الأطباق. ولكن لا يزال زبائننا الأساسيون هم الفليبنيين الذين ينهون عملهم منهكين وجائعين، يبحثون عن مأكولات بيتية. يحبّ الفلبينيون طعامهم فقط، إذ أنّهم لا يبدون اهتمامًا بالأطباق الفيتنامية”.  

اليوم أنت تدركين مدى صعوبة هذا العمل، أين ترين نفسك بعد 5 سنوات؟

“أنا ولدت في يافا. لطالما كنت مختلفة وكان يصعب إخفاء مثل هذا الأمر. أجبرتني الظروف على ارتداء “جلد فيل”. تعلّمت كيف أكون “ملعونة” عند الحاجة (تقول ضاحكة). ولكنني أريد أن أبقى في نافي شأنان. يوجد لهذا المكان سحر ما ونحن نضفي رونقًا من نوع آخر. نعم، أتمنّى لو أنّ المطعم يتوسع قليلًا ليستهدف فئات وجماهير أخرى. أسعى إلى أن يظلّ مطعم “إل مانو” مطعمًا بسيطًا يقدّم أطباقًا بيتية دون أن يقتصر فقط على العماّل الأجانب الفلِبِينيين، بل الإسرائيليين أيضًا. 

لن تتخلّى آن عن هذا الحلم. “لطالما أزعجني أنّ المطاعم الفيتنامية لم تنجح في إسرائيل بسبب النكهات القويّة، ولكن بعد ذلك شهدت نجاح المطبخ التايلاندي حتى دون الحاجة لإجراء تعديلات تتماشى مع الذوق الإسرائيلي. إذا ما المشكلة مع الطعام الفيتنامي؟ واليوم عندما يقصدنا زوار إسرائيليون أحذّرهم مسبقًا من النكهات.  معظمهم لا يمانعون”. 

Photo by Noam Priesman

“مكاتي كبلان” –”أريد مثله”

واحدة من المطاعم الشهيرة في نافي شأنان هي “مكاتي كبلان”، مطعم يقدّم أطباقًا فلِبِينية ويتواجد داخل بناية المحطة المركزية الجديدة قرابة العشر سنوات. عند زيارة المكان تستقبلكم أنابل مركيز (57)، صاحبة الأنامل التي تحضّر الأطباق والابتسامة الدافئة التي ترتسم على وجهها أثناء الضيافة. تقوم بتحضير الأطباق يوميًا بحسب مزاجها وبحسب الخضار الموسمية الموجودة – البطيخ المرّ، القلقاس، اليقطين، الخيزران والمزيد منها. هناك دائمًا أطباق مثيرة للاهتمام كأروز كالدو، حساء بالرز مع يخنة الدجاج والكثير من الزنجبيل والثوم؛ بنسيت ميكي، نودلز البيض المقلّب مع فواكه بحرية؛ طبق الجاك فروت مع كريمة جوز الهند؛ وطبق الحلوى الشهير هالو-هالو، مصنوعة من الثلج المسحوق مع الفاصوليا الحلوة، التبيوكة، الجل الملوّن، البوظة، الحليب المحلّى واليام الأرجواني.

Photo by Noam Priesman

قدِمت أنابل لإسرائيل كي تعمل كمعالجة تمريضيّة وتُعيل عائلتها، بينما تترك ابنتها البالغة من العمر تسع سنوات مع والدتها. “استمرّ هذا الوضع مدّة عشر سنوات إلى أن تعرّفت على شريكي في إسرائيل. أنا هنا منذ 20 عامًا.

أخبرينا كيف بدأت قصّة المطعم الفلبيني في المحطّة؟

“في البداية لم يكن هناك سوى متجر واحدٍ يبيع منتجات من الفلِبِين، ولكن فيما بعد بدأ الفلبينيون يطالبون بمأكولات جاهزة فلا طاقة لديهم لتحضير الطعام بأنفسهم. قبل إقامة المطعم كان هناك كشك يبيع وجبات داخل عُلب، كانوا يشترونها ويأخذونها معهم إلى البيت. إلّا أن الطلب من قبل الفلِبِينيين قد ازداد وتحوّل الكشك إلى مطعم صغير. من المهمّ أن تفهمي أنّ العديد من الفلبينيين لا يستطيعون تحضير الطعام أثناء عملهم – المشغّلون لا يسمحون بذلك. لذا فهم يأتون إمّا في ساعات الصباح قبل بدء عملهم أو يأتون مُنهكين بعد العمل وكلّ ما يريدونه هو تناول الطعام والنوم. يقولون بأنّهم يشعرون كما لو أنّهم في البيت، الأجواء هنا بيتيّة. وتيرة اشتياقنا تقلّ فلدينا هنا كلّ شيء. يطلق على مطعم من هذا النوع في الفلبين Turo Turo، وتعني: الاختيار، باللغة المحليّة. يتفحّصون الطعام المعروض ويختارون الأطباق التي يرغبون في تناولها. كما في الفلِبين”

Photo by Noam Priesman

ككثير من المطاعم الشعبية في الحيّ، جلبت أنابل المعرفة من منزلها. “أعمل هنا حوالي 7-8 ساعات يوميًا في المطبخ واستمتع بالطهي، لا أشعر بالكلل أو الملل.  أعشق تقديم أطباقي للآخرين ومعرفة أنّهم يتلذّذون بتناوله. لم أتعلّم الطهي بصورة مهنية، بل لدي قائمة الوصفات الفلبينية التي أعدّلها وأضيف عليها لمَساتي. عندما وصلت إلى البلاد لم يكن هناك سوى القليل من الأشياء. ولكن فيما بعد فُتح سوبر ماركت “مكاتي كبلان”. بدأ إيلي شربيت (صاحب السوبر ماركت) في استيراد منتجات وثمار من شرق آسيا: الكسافا، موز سابا، البطيخ المرّ، القلقاس والمزيد منها. يمكن تحضير كلّ شيء كما لو أنّنا في وطننا”.

وماذا بشأن الإسرائيليين؟ 

“معظم الأشخاص الذين يقصدون المطعم هم من الفلِبينيين. هناك القليل من الإسرائيليين والفضل لك بهذا، فبعضهم يأتون لأنّ نعما قالت بأنّ لفائف البيض ديناميت (محشوة بالفلفل الحارّ، لحمة البقر والجبنة) مشهية. يسعدني أن يقصد الإسرائيليون مطعمنا للتذوّّق وتناول أطباقنا. يسعدني أنّهم يحاولون تجريب الطعام، أكون مسرورة جدًا فيما لو أحبّوا النكهات. الفلبينيون راضون دائمًا عن الطعام، أمّا الإسرائيليون فيعلقون أحيانًا على التوابل (تقول ضاحكة) “.

هل سيكون مصير نافي شأنان كمصير فلورنتين؟

في الوقت الذي تُكتب فيه هذه السطور، عشرات الأجانب يحملون حاجياتهم المتبقّية ويبحثون عن شقق للإيجار خارج تل أبيب. “يغادر الفلبينيون نافي شأنان بسبب غلاء المعيشة هنا. حتّى السكن مع 20 شخصًا في شقة أربع غرف أصبح مكلفًا جدًا”، تقول أنابل. “دون أن يكون لهم أيّ خيار، يغادرون إلى الأحياء الأرخص في حولون، بات يام وأور يهودا”. البنايات الجديدة الواقعة بين شارع هعليا وشارع روش بينا أصبحت مسكونة وبأسعار “رائجة”. شقّة للإيجار في بناية جديدة تشمل ثلاث غرف في شارع تشلنوف معروضة اليوم بسعر 8,000 شاقل على الأقلّ. تقدّم كلّ من المشاريع البلدية والخاصة قيد البناء للشباب شققًا جديدة بإيجار مدعوم، والمحطّة المركزية على وشك الإخلاء في السنوات القريبة. وبكلمات أخرى، سيرورة تحسين الأحياء وصلت أيضًا إلى أحياء الجنوب. الأمر ليس ببعيد، فقريبًا ستقصدون نافي شأنان للجلوس في مقاهيها، أو للتجوّل بين الكتابات الجدارية – لأنّ الجولة في فلورينتين قد فاتتكم، هناك عليكم الاجتهاد للعثور على ورش العمل القديمة والسحر الذي ينبعث منهم. 

الأحياء في جنوب تل أبيب على وشك أن تشهد تغييرات كبيرة. بدأت السيرورة وهي تتسارع مع مرور كلّ يوم. سيتمّ إرسال المهاجرين، اللاجئين والفئات المستضعفة إلى أحياء مهمّشة أخرى. لا زلتم تملكون بعض الوقت لزيارة المكان والتذوّق، وبالتالي التعرف على الثقافات المختلفة، وخاصة الأشخاص الذين يقفون خلفها.

اين تاكل في نافيه شانان؟

El Mano
46 Yesod HaMa’ala St.
What to order here: Vietnamese egg rolls, spicy wontons, Filipino lechon

Makati Cabalen
Tel Aviv Central Bus Station
What to order: Dynamite eggroll, miki pancit, halo halo 

Chinese Restaurant
26 Neve Shaanan St.
What to order: pork soup dumplings, baozi, morning glory

Darfur Haktana
21 Neve Sha’anan St.
What to order: Kisra, fufu, white bean and lentil stews.