Palestinians and Jewish Workers During Lunch Break
WORKERS ON SDOM ROAD, JEWS AND ARABS, DURING LUNCH TIME.

ما هي المطاعم الشعبية في إسرائيل؟

وجّهنا سؤالا للشيفات، الباحثين والصحفيين في المجال الطهويّ، ما هي برأيهم المطاعم الشعبية في إسرائيل. وهذه كانت إجاباتهم عن السؤال.

طاقم اسيف |

في الظاهر، يبدو السؤال بسيطا: المطاعم الشعبية هو مصطلح شائع، يوحي بالأكل البيتيّ والبسيط، الأواني المليئة بأنواع الطعام التي تعتمد على موادّ خام قليلة التكلفة؛ ومكان هدفه أن يقدّم وجبة مشبعة وسريعة خلال ساعات النهار.   لكن إذا حاولنا تفكيك هذا المصطلح المشحون بالعاطفة والتشبيهات، للكلمتين اللتين يتكوّن منهما “مطعم” و “شعبي” – ونفكّر لحظة بدلالة كلّ كلمة من الكلمتين، من المحتمل أن يكون هناك تناقض يفرض المزيد من الأسئلة. هل هو مطعم غير مُعدّ للترفيه؟ مَنْ هم الأشخاص الذين يرتادون هذا المطعم؟ هل يمتلك العمّال وقتا للجلوس في مطعم، خلال يوم العمل؟ هل القصد هم العمّال اليهود الذين بنوا الدولة؟ هل لا يزال هناك عمّال اليوم كذلك؟ وإذا كان الجواب نعم، مَنْ هم هؤلاء العمّال في وقتنا الحاضر؟

الصحفيّ والباحث يسرائيل سار، يوضّح أنّ المطاعم الشعبية في إسرائيل، نشأت من الحاجة لتقديم وجبة مركزية في اليوم للعمّال أو للأشخاص من الطبقة العمّالية: “ثمة ثلاثة أسس مركزيّة تميّز بين المطاعم الشعبية في إسرائيل، عن المطاعم الأخرى، وهي: استجابتها للحاجة في الحصول على وجبة الغداء، وقت استراحة الطعام المحليّة، وعادة تغلق هذه المطاعم أبوابها في ساعات ما بعد الظهر والمساء؛ تقديم الوجبات في المطاعم الشعبية يكون وقوفا، مشابه لطريقة تناول الوجبة المركزية خلال النهار، وباختلاف عن الطعام الذي يتمّ تناوله سريعا في المطاعم أو أكشاك الطعام السريع؛ وفي غالبية المطاعم الشعبية تقدّم وجبة مركّبة في طبق، والتي تضمّ وجبة بروتين من اللحم، وإضافة متغيّرة أو شيئا مطبوخا آخر، من الأواني المرتّبة بأسلوب بيتيّ”.   

ليست مطاعم شعبية، بل وجبة شعبية

إذا سألتم الشيف حاييم كوهين، الذي كان والده عاملا في البناء، سيجيب بأنّه لا توجد مطاعم شعبية تقدّم الطعام للعمّال، لأنّ العمّال لا يخرجون لاستراحة ويذهبون لتناول الطعام في المطعم. عندما كان كوهين صغيرا، اعتاد أن يرافق والده أحيانا: يذكر بأنّهم كانوا يشترون من الحانوت القريبة ما يطلق عليها “وجبة العمّال” (أو الوجبة الشعبيّة) – الخبز الأبيض، الشمينت أو الجبنة والزيتون؛ وأحيانا كان يحضرون معهم من البيت بيضا مسلوقا. “العمّال الحقيقيون الذين أعرفهم أنا”، يقول كوهين، “كانوا يُحضِرون من البيت طعاما يعدّه العامل نفسه أو زوجته مسبقا”.

الأنثروبولوجيّ د. عزري عمرام، يذكر أنّه في البحث الذي أجراه على مدينة كفر قاسم، أخبره السكّان بأنّه لا توجد في البلدة ثقافة المطاعم الشعبية: “مَنْ كان يعمل في البلدة، كان يعود إلى بيته لتناول الطعام. ومنهم مَنْ كانوا يأخذون الطعام معهم، أو كان أحد أفراد العائلة يحضر له الوجبة خلال اليوم. هذا هو الأمر الصحيح والطبيعي. المطاعم الشعبية أقيمت لتقدّم طعاما لمَنْ لم يكن بإمكانه أن يعود إلى بيته. جزء من التطوّر السريع في الطعام الشعبي أو السريع، حدث لأنّ الناس تعمل بعيدا عن البيت عادة. يأتون من قراهم للعمل في المدن الكبيرة، وهم بحاجة لتناول الطعام خلال اليوم. الأكشاك الموجودة في الطرقات، تلبي الحاجة إلى طعام سريع ومتاح”.

والشيف نشأت عباس كذلك، وهو من مؤسسي مطعم البابور، واليوم هو صاحب مطعم قصر سهارى، يذكر أنّ عمّال كفركنا الذين كانوا يعملون في البناء والزراعة، كانوا يُحضِرون الأكل معهم إلى مكان العمل. “كانت عادة متبعة” يقول، “بأن يقوم كلّ عامل بإحضار طعامه من البيت. كانوا يجلسون جميعهم بشكل دائريّ، وكلّ واحد منهم يضع وسط الدائرة ما أحضره من طعام، وكانوا يأكلون كلّهم معا. اليوم هنالك نسبة كبيرة من السكّان العرب يعملون خارج بلداتهم، بما في ذلك النساء، وعليه باتوا يتناولون الطعام خارج البيت بنسبة أكبر”.

طعام بيتيّ بعيد عن البيت

“عندما نستخدم اليوم مصطلح مطاعم العمّال”، يؤكّد كوهين، “نحن نقصد بذلك المطاعم الشعبية. كلمة العمّال تشير إلى التكلفة الرخيصة وطريقة الترفيه، أو بشكل أدقّ بدون ترفيه – لا متعة حقيقة في الجلوس لمدة ساعتين والاستمتاع بتناول الطعام. نتناول الطعام على عجل ونغادر. في هذه الأماكن، وجدت ألفاظا، مثل: “عليك بلع الطعام لا مضغه”، أو تريد حلوى؟ ابحث عن الحلوى في مكان آخر. كلمة “العمّال” مضلّلة إلى حدّ بعيد، لأنّ الحديث لا يدور عن مطعم عمّال فعلا. واليوم لا يزال هناك عمّال. مثلا عمّال البناء الصينيون، من المؤكّد أنّنا لن نراهم يذهبون لمطعم شعبيّ. العمّال الحقيقيون يعدّون الطعام لأنفسهم، أو يحضّرون معهم طعاما جاهزا”.

يضيف عمرام قائلا: “القصد من المطاعم الشعبيّة، كان توفير الإمكانية لأن تتناول الطعام الذي تتناوله عادة في بيتك، عندما تكون بعيدا عن البيت. تعرّفت في كفر قاسم على شركة بناء، حصلتْ على تصريح لتشغيل عمّال أتراك، لبناء عمارة متعدّدة الطوابق في مركز البلاد. وقد حضر الطّباخون كذلك، مع مئات العمّال الذي أقاموا في القرية. وقد حضر طبّاخ من كلّ قرية تركية وصل منها عمّال للعمل في هذا المشروع، حتى يعدّ لهم الطعام الذي اعتادوا تناوله في البيت، او القرية.”

يذكر عباس بالذات المطعم الشعبي الذي افتتحته عائلته عام 1983 في يافا، وهو المطعم الذي بدأ فيه مسيرته الطهوية عندما كان في سنّ 17 عاما. كانوا يقدّمون كلّ صباح الحمص والفول، المشوشّة والعجّة الغنية بالخضراوات. وحتى وقت الظهيرة كانت الأواني تمتلئ بالأطعمة المختلفة، مثل الجولش (كرات اللحم)، المفتول وكذلك الحريمه (السمك مع البندورة)، حتى يتمكّن كلّ زبون من إيجاد وجبته الخاصة، والطعام الذي اعتاده في البيت. “أذكر أنّه كانت هناك ساعات معينة من النهار، عادة ما بين 10 – 11 صباحا، حيث كان الناس يتدفّقون بأعداد هائلة، وعليك أن تكون نشيطا ومستعدا حتى تتمكّن من تقديم الطعام لهم جميعا خلال وقت قصير.  برأيي كلّ شيف بدأ حياته المهنية في مطعم شعبي، سيكون قادرا على تدبر أمره في أوقات الضغط. هذا الأمر بمثابة مدرسة مصغّرة لعامل المطعم المبتدئ”.

Constractions Worker
تصوير دان بيريتس

تذكّر عمرام قصص أبناء حيّ هتكفا، حول المطاعم الأولى التي ظهرت في الحيّ، بفضل محلّين كبيرين متقابلين لبيع موادّ البناء، في شارع هرتسل: “المشهد الذي يذكره سكّان الحيّ، هو وصول العمّال كلّ يوم تمام الساعة الخامسة صباحا، مع العربات والخيول، وفي مرحلة متأخرة استخدموا الشاحنات الصغيرة، لتحميل موادّ البناء.  وحتى موعد الانتهاء من تحميل كافة المواد، كان العمّال يجلسون لتناول وجبة الفطور. كانت الوجبة تضمّ عادة، حساء ساخن ومغذٍ، يقتاتون به طيلة اليوم.  وحتى يومنا هذا، فإنّ هذه المنطقة تحديدا في حيّ هتكفا، معروفة بفضل المطاعم التي تقدّم الحساء، مثل حساء كرميلا (כרמלה) وحساء بوعاز (בועז). وفي مرحلة متأخرة أكثر، أُقيمت إلى جانب هذه المطاعم، مطاعم اللحم والشواء ومطاعم أخرى، لكن كلّ شيء بدأ بهدف تقديم وجبة ساخنة للعمّال”.

الصحفيّ عميت أهرنسون، الذي نشأ في القدس، يعرف المطاعم الشعبية في مركز المدينة جيدا. وقد رافق والده المهندس المعماريّ، في صغره للاجتماعات التي كان يعقدها في البلدية، وقد اعتاد والده أن يصطحبه لتناول طعام الغداء في مطعم حين (חן) التاريخي، حيث التقى هناك بالمقاولين وموظّفي البلدية. “هذا كان بديلا عن غرفة الطعام، التي لم تكن موجودة لديهم. في كلّ منطقة مركز المدينة، على التقاطع الواقع بين دوّار تسيون(ציון) ودوّار سافرا (ספרא) والبلدية، كانت الكثير من المطاعم الصغيرة، مثل مطعم بينتي (פינת)، طعامي (טעמי) أو مطاعم الجادة في عيمك رفائيم (עמק רפאים)، وقد كان الطعام متشابها فيها جميعا – الحمص، الكبّة، أقراص اللحم، الأرز مع الفاصولياء إلى جانب طبخة معنية أو شنيتسل، ودائما كان الخبز والمخللات حاضرين على المائدة.     لم يكن طعاما بيتيا دقيقا وعالي الجودة، بخلاف مطعم عزورا (עזורה) مثلا، كانت هذه الوجبات بسيطة ورخيصة. المشترك بين هذه المطاعم كلّها، هو شعور الألفة التي يبثّها المكان.  مكان يشعر فيه الناس بالراحة، ويعودون إليه من جديد، وفيه ما يشكّل بديلا عن الوجبة البيتيّة. بالرغم من اسمها، يؤكّد أهرنسون، “لا يُعرّف المطعم الشعبيّ وفقا لمَنْ يرتاده، بل وفقا للطعام الذي يُقدّم فيه. في الواقع عمّال الأعمال اليدوية، لا يخرجون لاستراحة من موقع البناء أو خطّ الإنتاج، ويذهبون لتناول الطعام في المطعم. هذه أماكن مناسبة أكثر للطبقة الوسطى والموظّفين، أكثر من العمّال في الأعمال اليدوية والجسمانية”.

يوضّح سار، بأنّ الهدف المركزيّ للمطاعم الشعبية كان تقديم طعام أساسي للزبائن. “المطاعم الشعبية كأنّها تبرم مع زبائنها، اتفاقا غير مكتوب، وفيه يحصلون على وجبة بكمية كافية وبسعر ملائم لكلّ شخص. ولأنّ هذه المطاعم متاحة للطبقات الدنيا في المجتمع، كانت هناك أهمية كبيرة لمسألة الإحساس بالشبع. ولهذا تقدّم معظم هذه المطاعم وجبة خبز وإضافات أخرى ترافق الوجبة، مثل، طبق المخلّلات، السلطة أو المتبّل، التي تقدّم إكراما للزبائن وعلى حساب المطعم. في عدد من المطاعم هناك إكراميات إضافية – في المطاعم الشعبية التي تُقدّم طعاما من المطبخ اليَمَنيّ في حيّ كيرم (כרם) اليَمَنيّ في تل أبيب، مثلا، كانت هناك عادة أن يخرج أصحاب المطعم من المطبخ ويقومون بجولة بين الزبائن، وهو يحملون طنجرة مليئة بالحساء الساخن، ليملؤوا أطباق الزوّار مرة أخرى، كإضافة بدون مقابل، لمَنْ لم يشبع أو يرغب بمزيد من الحساء”.  

من الوجبة الشعبية إلى وجبة الأعمال

” لو عدنا بالذاكرة إلى الوراء، لرأينا أنّ المطاعم الشعبية كانت استنساخا لمطاعم الأسواق”، يوضح عباس. “قبل إنشاء المناطق الصناعية كانت الأسواق، وهناك بدأت تُقام المطاعم التي اعتمدت على موادّ خام طازجة من السوق، وكانت تهدف إلى تقديم وجبة ساخنة وسريعة لأصحاب الحوانيت. وعندما أُقيمت المناطق الصناعية، بدأت تظهر المطاعم الشعبيّة. ولاحقا، ومع تطوّر عالم الهايتك، لاءمت هذه المطاعم أنفسها وأوجدت لائحة طعام تحتوي على وجبات تلائم الجمهور الجديد”.

يواف عمرام على القول، بأنّ الشكل المحدّث للمطاعم الشعبية، هو وجبات الأعمال: “ما بين موظّفي الهايتك الذي يتناولون وجبة بتكلفة 120 شيكلا، وبين عمّال آخرين يتناولون “وجبة عمّال” في منتصف يوم العمل، وفقا لقدرتهم الاقتصادية. إذا كنّا نقترض بأنّه لا وجود لعمّال يهود في الأعمال اليدوية والجسمانية، فإنّ وجبة الأعمال التي تمنح المجال للعامل أن يخرج خلال يوم العمل، وتناول وجبة أولى، وأساسية وأحيانا مشروب بسعر معروف مسبقا، ومن ثمّ يعود إلى عمله، هي بمثابة الخدمة المحدّثة من المطاعم الشعبية”. 

الشيف أفيفيت فريال -أفيحاي، التي تمتلك مطعم أوزاريا المتواجد في وسط سوق ليفنسكي، لا تعتقد أنّ المطاعم الشعبية يمكنها أن تصمد اليوم.  “إقامة مطعم هو أمر مكلف جدا في هذه الفترة، ولذلك فمن الصعب وربما من المستحيل أن تقدّم فيه وجبة رخيصة. المطاعم الفارسية في سوق ليفنسكي بدأت مشوارها كمطاعم شعبية، لكنّها تغيّرت وفقا لما يمليه السوق والتغييرات الحاصلة فيه. كذلك مطعم حنان مرجلين (חנן מרגילן)، حيث يرغب الكثيرون من الطهاة المعروفين تناول الطعام فيه، كان في الأصل مطعما شعبيّا – تأتي في منتصف النهار دون تخطيط مسبق، تتناول حساء الدوشفارا (דושפרה) خاصّتك، وتواصل عملك.  لكن هل هي متاحة للعمّال؟ العامل لا يمكن أن يسمح لنفسه لتناول الطعام في مطعم شعبي. فقط عمّال من طبقة معينة، وليس من المؤكّد أنّهم سيفعلون ذلك كلّ يوم”.

كذلك أهرنسون يربط عملية انقراض المطاعم الشعبية بغلاء المعيشة: “الموظّفون البسيطون اليوم كذلك، لا يكسبون ما يكفي من المال لتناول الطعام في مطاعم في مركز مدينة القدس.  نلاحظ وجود عدد أكبر من المطاعم التي تقدّم وجبات البجيت والرغيف، وعدد أقلّ من المطاعم التي يجلس فيها الزبائن لتناول وجبة كاملة، وذلك بسبب الاختلاف في الأسعار.  الفرق بين الرغيف والطبق يمكن أن يصل لأكثر من 20 شيكلا، وعندما تتناول طعامك خارج البيت كلّ يوم، فألأمر يغدو مكلفا. مَنْ احتلّ مكان الموظّفين الذي اعتادوا ارتياد المطاعم، هم العاملون في مجال الهايتك، لكن هذه المطاعم مختلفة تماما اليوم، وتقدّم طعاما مختلفا. حتى وجبات الأعمال اختفت تقريبا من المطاعم. الوجبة البسيطة اليوم في المطعم، تكلّف مثل وجبة الأعمال الغالية، قبل فترة الكورونا. مطعم عازروا في تل أبيب، شارع هركيفت، مثلا، تحولّ لغرفة لطعام غير الرسمية لإدارة البنوك. الأشخاص العاديون لا يسمحون لأنفسهم أن يتناولوا كلّ يوم وجبة غذاء بـ -150 شيكلا للشخص. الجوهر ذاته، لكنّ السعر هو ما يحدث الاختلاف. مَنْ لديهم القدرة اليوم على تناول الطعام خارج البيت، هم عمّال الهايتك ومن لديهم بطاقة السيبوس، والأغنياء من عالم المحاماة والإدارة.  حتى في المناطق الصناعية مثل تلبيوت (תלפיות)، لا نرى مطاعم تقدّم وجبات، بل أكشاك تقدّم الشنيتسل بالرغيف. من الصعب أن تجد اليوم أشخاصا يأكلون الكبّة في ساعة الظهيرة، وإذا كان هناك مَنْ يفعل ذلك، فلا شكّ أنّ الأمر سيكلفه الكثير”.

الباحثة في مجال الثقافة د. دافنا هيرش، تلخّص قائلة: “إذا فكّرنا بالمطعم كمكان ترفيه، فإنّ مصطلح “المطعم الشعبي” يمكن أن يبدو مفارقا تماما. إذ كان الجانب الجمالي هو الذي يبرز في مطاعم الشيف، فإنّ البعد الوظيفيّ في المطاعم الشعبية هو الأبرز. يعتبر الطعام كوقود للمحرّك الإنساني” – هو مكان يمكن لعمّال المهن اليدوية أن يحصلوا فيه على طعام مغذٍ ورخيص، حتى يتمكّنوا من مواصلة عملهم. هذا المفهوم عن الطعام ترسّخ في نهاية القرن الـ -19، وفي النصف الأول من القرن الـ -20، عندما تعاون باحثو التغذية، السياسيون، وأحيانا أرباب الصناعة كذلك، لتطوير فكرة التغذية العقلانية، بمعنى، أنماط من التغذية تجسّد النسبة الناجعة بين السعر والقيمة الغذائية، وتهدف إلى تمكين العمّال من “إعادة بلورة” أنفسهم وبالتالي الحافظ على “هدوء صناعي”. لكن مصطلح “المطاعم الشعبية” ينطوي على تداعيات رومانسيّة، المأخوذة من عالم التشبيهات الخاص بنقاش الأصالة. في هذا السياق تعتبر المطاعم الشعبية كمكان “أصلي”، بسيط وهادئ، حيث يتناول فيه الأشخاص “الواقعيّون” طعاما بيتيّا، لذيذا ومغذّيا، وبسعر منخفض”.